يضر الارتفاع الشديد لتكاليف المعيشة بسمعة الامارات العربية المتحدة كمركز أعمال ذي تكاليف معقولة ويضعف من جاذبيتها للعمال الاجانب الذين يؤلفون العمود الفقري للاقتصاد المزدهر للبلاد.
وتعتمد الامارات العربية منذ وقت طويل على انخفاض الضرائب ومستوى معيشة ذي تكاليف منخفضة في اجتذاب الشركات الاجنبية والمغتربين وهم القوة المحركة لتحولها من اقتصاد قائم على النفط الى مركز مالي.
ومن المتوقع ان يستمر الازدهار الاقتصادي بفضل اسعار النفط المرتفعة وليس محتملا ان يحدث نزوح واسع للاجانب لكن بعض المحللين يخشون ان تقع الامارات العربية ضحية لنجاحها.
فقد ارتفعت تكلفة كل شيء من الايجارات الى المصاريف المدرسية ومعظمها بسبب الطلب المتزايد. واظهرت دارسة مسحية لشركة أمريكية في الاونة الاخيرة شملت 144 مدينة في انحاء العالم ان دبي المركز التجاري لمنطقة الخليج تفوق واشنطن من حيث تكاليف المعيشة.
ويضاف الى هذا ان الامارات العربية زادت اسعار البنزين ما يصل الى 32 في المئة من هذا الشهر لمسايرة الارتفاع القياسي لاسعار النفط.
وقال الخبير الاقتصادي وضاح الطه في بنك ابوظبي الوطني "زيادة اسعار الوقود سيكون لها أثر على مجموعة واسعة من القطاعات ويجب ان نتوخى الحذر والا فاننا سنخسر واحدة من مزايانا الرئيسية."
واضاف الطه قوله "اننا سوق صاعدة ويجب ان يكون النمو أعلى من التضخم ولكن اذا بقي التضخم طليقا بلا ضابط فان الناس ستبدأ في البحث عن بدائل. وسوف يتضرر الانفاق قطعا."
وتذهب دراسة اجرتها مؤسسة جلف تالنت للتوظيف ان الايجارات ارتفعت 26 في المئة هذا العام بينما زاد متوسط الاجور 1.5 في المئة. وارتفعت المصاريف المدرسية وتكاليف الاغذية ايضا مما زاد من اعباء المعيشة.
وقال هاني جنينة الخبير الاقتصادي في بنك الاستثمار ئي.اف.جي هيرميس "زيادة اسعار الوقود لن يكون لها أثر كبير على الاقتصاد لكن التضخم سيرتفع قطعا."
وتقدر احصاءات رسمية التضخم على مستوى اسعار المستهلكين بنحو 4.7 في المئة عام 2004 . وقال ئي.اف.جي هيرميس في تقرير في الاونة الاخيرة انه من المتوقع ان يتخطى معدل التضخم حد الستة في المئة ولاسيما بعد زيادة سعر الوقود.
غير أن الاثر على طائفة السكان المغتربين الكبيرة سيكون أكبر مما تنبيء به هذه الارقام.
ويتلقى رعايا الامارات اعانات دعم سخية من الدولة على خدمات مثل الايجارات والرعاية الصحية والمصاريف المدرسية لكن المغتربين في دبي يدفعون بأسعار السوق وكثير منهم كانوا يشكون حتى قبل زيادة اسعار الوقود.
واكثر من 80 في المئة من سكان الامارات البالغ 4.3 مليون نسمة اجانب. ومعظمهم يعيشون في دبي التي يغذي فيها ازدهار السياحة والبناء النمو بسرعة كبيرة. .
وقال سائق السيارة الاجرة السوداني احمد اسماعيل "منذ خمس سنوات كنت استطيع تحمل تكاليف العيش ومعي اسرتي وأدخر بعض المال ايضا ولكني الان سوف اضطر الى اعادتهم الى الوطن."
وقال "تركنا بلادنا من أجل معيشة أفضل لكن التكاليف هنا ترتفع ارتفاعا صاروخيا. الامر لا يستحق العناء" مرددا بذلك وجهات نظر كثير من العرب والاسيويين الذي يؤلفون معظم المغتربين.
ولإبراز ارتفاع تكاليف المعيشة سألت صحيفة جلف نيوز المحلية مدير تسويق دخله عشرة الاف درهم (2723 دولارا) في الشهر ان يذكر تفاصيل انفاقه. فقال انه بعد الايجار والفواتير ومدفوعات بطاقات الائتمان والمشتريات من الاحتياجات الضرورية سيتبقى لديه نحو 450 درهما.
وحذر كريج تيرنر مدير العمليات في مؤسسة هولبورن اسيتس اند انشورانس بروكرز قائلا ان ارتفاع تكاليف المعيشة قد يؤدي الى رحيل بعض العمال ذوي الدخول المتوسطة في القطاعات الحيوية للخدمات والبناء لكنه قال انه من غير المحتمل ان يؤدي الى نزوح واسع للعمال.
ويؤلف العمال من شبه القارة الهندية والفلبين العمود الفقري لهذه القطاعات والمرتبات في الامارات العربية مازالت اعلى كثيرا من مستوياتها في بلادهم.
وقال تيرنر "توجد شركات هنا تدفع تكلفة الاسكان والسيارات والمدارس وهو أمر غير معروف في كثير من انحاء العالم. ثم انه ليس كل فرد هنا من أجل المال فالامارات فيها عوامل جذب كثيرة مثل عدم وجود ضرائب ونمط حياة جيد."
واستدرك بقوله "ولكن ما يتعين على الامارات عمله هو ضمان ان تكون تكاليف المعيشة معقولة لذلك العنصر من القوة العاملة الذي يدعم نموها الاقتصادي."
ومن المتوقع ان ينمو الاقتصاد في الامارات العربية بنسبة تزيد على ستة في المئة هذا العام بفضل الارتفاع القياسي لأسعار النفط. والامارات منتج رئيسي للنفط في منظمة اوبك وفي العام الماضي ساعدت اسعار النفط المرتفعة على تحقيقها فائضا في الميزانية قدره 17.2 مليار درهم.
وكثير من البنوك والشركات الدولية التي لها مقار اقليمية في الامارات العربية متفائلة بشأن الاقتصاد.
وتتوقع معظم الشركات في منطقة الخليج ارباحا جيدة وتقول دراسة اجراها بنك اتش.اس.بي.سي ونشرة ميدل ايست ايكونوميك دايجست المتخصصة في شؤون الاقتصاد ان بضع شركات فحسب قلصت خططها الاستثمارية بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة.
وقال علاء اليوسف كبير الاقتصاديين في مؤسسة دار الخليج للتمويل "المستثمرون مهتمون بأمور اخرى غير اسعار الوقود المرتفعة. ودبي نجحت في اجتذاب الشركات الاجنبية لان لديها مرافق بنية اساسية جيدة ووفرة الايدي العاملة الماهرة ونظام ضريبي موات وغياب قيود البيروقراطية ."
ويؤكد ذلك المشاريع الكبيرة التي تنفذها دبي حيث تستنزف اموال الوافدين اليها بمشاريع لم يعرف نجاحها الاستثماري لحد الان، وتعتزم إمارة دبي بناء مدينة تضم مجسمات طبق الأصل لعجائب الدنيا السبع بتكلفة تقدر بنحو 1.5 مليار دولار وتضم مكاتب ومتاجر وشققا سكنية.
ومدينة العجائب هي أحدث حلقة في طائفة مشروعات بناء طموحة في دبي ذلك المركز التجاري المزدهر.
وسوف تقام ثلاث مبان على غرار أبنية كانت جزءا من القائمة الأصلية "لعجائب الدنيا القديمة" وهي أهرامات الجيزة في مصر وحدائق بابل المعلقة ومنارة الاسكندرية.
وقال بيان ان الأبنية الأخرى ستكون مجسمات لعجائب أحدث وهي برج ايفل وتاج محل وبرج بيزا المائل وسور الصين العظيم.
وسوف تحتوي الأبنية على شقق سكنية ومكاتب وفنادق ومراكز تجارية.
وقال متحدث ان المشروع تقوده فالكون سيتي المملوكة لرجل الأعمال سالم الموسى. وهي جزء من مشروع دبي لاند الذي يتكلف مليارات الدولارات ويهدف للمساعد في الترويج للسياحة.
ولم تتكشف تفاصيل بشأن من سيبني فالكون سيتي ومتي يبدأ البناء والمدة التي سيحتاج اليها لاتمام المشروع.
وقال المتحدث ان التكلفة المقدرة للمشروع هي 5.5 مليار درهم (1.5 مليار دولار).