خطابات ديكتاتورية متعجرفة

بقلم: ميديا كدّو
تحصد بلدان الشرق محصول ثوراتها واحدة تلو الاخرى، فبعدما احتضرت ايامها المريرة في ظل طغاة متعجرفين اختصروا البلدان في شخصهم ولملموا من حولهم مجموعة من المرتزقة، تقرأ عليهم ليل نهار اشعار المديح والتعظيم حتى اعتبروها حقائق، كمن كذب كذبة وصدقها اول الناس، ولدت لها ثوراتها حكومات جديدة تأمل الوصول للديمقراطية والحرية كهدف اساسي شديد الألحاح، قامت لأجله كل ثورات الكرامة.
ومن بين هذا الحصاد الثوري نشهد تعال الطغاة وغطرستهم حتى آخر لحظاتهم، فكانت السيناريوهات الدائمية لهذه الثورات، بقاء الشعب في شوارع البلاد مستمتع بصوته الواحد المطالب بالأنعتاق، الى جانب خروج الديكتاتوريين المتوهمين بشعبيتهم وعظمتهم من حين لحين لمحاورة الشعب، فموضة الثورات هي مضي الناس في دفاعهم الشغوف عن الكرامة، ومطالباتهم العنيدة بتنحي الطغاة، مع خطابات وحوارات لا تمت لأرض الواقع بصلة من قبل الديكتاتوريين الملتصقين بالكراسي، حسب مبدأ "الكرسي القبر" تتوارثه العائلة الحاكمة ويلقي من فوقها الوريث الخطاب ذاته، في محاولات فاشلة لزرع صورة خدّاعة بتفردهم في مخيلات العالم اجمع، وبكبرياء تمثيلي مضحك، صار طابعا شاملا يعبر عن نفسه عبر القباحة المطلقة التي يبثها لصيقي الكراسي بابتسامات الفوقية الأخلاقية والفكرية الراضية رضاءً اعمىً عن ذواتها الهشّة الخاوية، فكان خطاب القذافي الهستيري الأخير احد اهم الدلائل على هذه الفكرة الفوقية التي يعتنقها الطغاة دون استثناء، سبقه كل المخلوعين، واتبعه الرئيس السوري بمقابلة مفبركة مبرمجة متعجرفة، بينما كان يأمل الشعب دون ان يضع عليه الكثير من الأماني، ان يعترف بالمجازر او يتنازل عن تعاليه المتوارث من الفكر البعثي، فحوار الأسد أعاد للذاكرات كلمات البعث الصدامي واكاذيبهم امام الشاشات، فهم اعتادوا على تحويل احلامهم لحقائق حالما تفوهوا بها في ظهر سيادتهم، وكان هذا المرض لا يزال يخيم عليهم حتى في اكثر لحظاتهم ضعفا، فقادة البعث العراقي عُرِفوا بتكذيبهم للصورة حتى اصبحوا نُكت الصحافة، وصدام اتُهم بالمجازر واعترف مزهوا، لأنه اعتبر نفسه النبي او الإله الوصي على البلاد، بل وعلى بلدان مجاورة، حاله حال صدام سوريا، الذي يتغزل بمواقفه التي لم تتعدى دائرة الثرثرة الفارغة، يلقي على مسامع العالم كلماته الركيكة التي حفظها كل سوري على ظهر قلب، كلمات سمعناها ونحن تلاميذ وطلبة، على مقاعد الدراسة، اطفال يسكننا البرد ورهبة المعلم الذي لم نفهم الفرق بينه وبين العسكري او الشرطي او عضو المخابرات، فاللغة واحدة والشعارات واحدة، يشرح الجميع فكر البعث وافكار القادة العلويين بلغة لا روح فيها، باردة كأيام دراستنا على تلك المقاعد الخشبية، بينما كنا نتقوقع على انفسنا، او نلتصق بالزميلة التي تجلس جنبنا نشحذ معا دفئا لجسدينا وللغتنا، فنحفظ الكلمات الميتة ونرددها على المعلم مرتعبين كببغاوات، علّه يعفينا من الضرب بالعصي على ايادينا ورؤوس اصابعنا المتشققة من البرد والهلع، لتحتل هذه الترهات جزء كبيرا من خلايا ادمغتنا الطفلة التي كانت كالأرض العذراء، ما ان ترمي فيها بذرة فتنتج بسخاء ...
فالأسد عاد بكلماته لدروس التربية الوطنية، ووصف اوروبا وامريكا بالدول الاستعمارية، ورتل من جديد خططهم الامبريالية، حتى غفونا على هذه الكلمات البعثية، وذهب في عجرفته المعروفة لذم رؤوساء دول واصفا اياهم بأن امريكا اتت بهم، بينما هو الرئيس العربي المنتخب بنسبة تسعة وتسعون بالمئة، المحبوب المعبود يفديه شعبه كالاغنام بدمه وماله وولده، وتوّج نفسه كافضل قائد في المنطقة بمواقفه المقاوِمة، كما انه تطرق دون خجل يعدّ ملايين القتلى والارامل واليتامى والمعاقين في حروب افغانستان والعراق وليبيا، ونسي بأن هذه الدول كانت بؤرا للطغاة ومقابر لشعوبها وسجون لاحرارها، وبأن رؤوسائها كانوا على شاكلته مقترفي جرائم حرب، ومرتكبي مجازر مهولة بحق شعوبها، فالأسد كما يبدو كسول في التاريخ، لا يرى منه الا جزئه الأنسب لفكره البعثي، فنسي جرائم صدام ومعمر القذافي وبن لادن، وراح يبكي الشهداء، ويُلّبِس غيره ثوبه المُدمى، ويتحدث دون ان تنخزه شوكة في ضميره، عن وجهات نظر بينما يُفنى الشعب السوري ويُعدم ويُعتقل، والأسد يحزم قوانين بدلا من ان يحزم امتعته ويفر من البلاد قبل ان تحين ساعته، فيختبأ في الأوكار كما هو السيناريو الثوري، ويترأس قائمة المطلوبين العالميين، بدلا من الغور في كرسي الحكم واطلاق خطابات متعجرفة لا تحقن الدماء، ولن تعيد لأي طاغية الولاء، انها ببساطة لا تزيد من لهيب الثورة الا استعارة، فالثورات الشرقية بدأت من عبارة ألقاها رئيس دون ان يعطي وجع الشعب اي اعتبار.
menageddo_(at)_yahoo.com

تسلم اخي زبا في الحقيقة الدول العربيه او بالخصوص حكامها طغاة او متمسكيين بالحكم....هذا الشي كولنه نعرفه وكذلك الشعب العربي شعب لا يعرف معنى الديمقراطية عدهم الديمقراطيه نهب او سلب ناخذ كمثال الشعب التونسي لحد هذه اللحظة ورة سقوط النظام وصل تعداد الاحزاب هناك اكثر من 700 حزب؟؟؟؟ليش؟؟؟بينما بالغرب لو حزبين او 3؟؟؟انظر فنحن شعب لا نعرف معنى الديمقراطية لان كنا عايشين في عقود من الزمن تحت الظلم والاضطهاد والقمع يرادلنه فد عقد عقديين يالله ينصلح وضعنه...
تحياتي للجميع